أحمد رامي .. شجن القصيد ..
البراغماتي الذي دفع بحالة الحب إلى أقصى مثالية .
اﻷطلال … قلب القصيد وخراب الشاعر
وراء قصيدة الاطلال، ندرة غريبة تُروى
اطلقها فيما يشبه الصرخة شاعر ضئيل ، قبل أن تصبح كلماتٍ لأشهر قصيدة تتناقلها اﻷسماع في الوطن العربي، مغناةً بصوت
أم كلثوم .وتعقد معها الآذان متلازمة عشقٍ صميم من المحيط إلى
الخليج ، فخلف قلب الشاعر المتواري بدوره ،خلف القصيدة
الذائعة، متصيّدات جميلات كن يتجمّعن كالفراشات حول شعره، ويبدين إعجابهن بالشاعر من فرط اعجابهن بشعره ! بحيث أدخلن في ظنه أنه يصطادهن !!
وحين كثر التنذر حول قلب الشاعر الذي ما كان ليرضي النساء
يوما ، بل تلاشين من حوله .. لا واحدة من تلك العشرات، وبقيت الشجرة تنعي حظه، لا واحدة على الشجرة، ليبقى صوت أم كلثوم
وحده يشدو بأطلال قلب ذلك اﻹنسان .. وإذا بالشاعر بعد أن سقطالمعبد على من في هيجمعهن في “الاطلال” ويقسّم خراب القصيد بينه
دفعة واحدة !.. كأن هذه القصيدة بمفردها هي كل الشعر وتلك الحبيبة الضائعة هي كل النساء في حياته ! ..
كان يعلم حقيقتهن في نفسه .. فالشاعر إبراهيم ناجي بحساسيته المفرطة ورغم خداعه البادي في واحدة منهن ! ..
كان يدرك سراب ذلك العالم الذي كان يعيشه ليدخل عالم ..
القصيدة عالمه الذي يجيد السباحة فيه أحرفا ومعانٍ ..
عالم يدرك كم هو حقيقي ووحيد فيه !..
ليبقى هناك بين اطلال قلبه ..
وتبقى قصيدة “الاطلال” على الملأ شاهدة القلب والحب والخيبات ! ٫
كتب/ عبد الحكيم كشاد
لا شيء أكثر من الشجن والحرمان، واستعذاب هذا الحرمان، في شعر “أحمد رامي” , والابرز في رحلة عشق تح
وّلت إلى غناء للقلب، والروح قبل ان يتجسّد في شعر وكلمات ..
رامي شاعر براجماتي حين تتلبّسه حالة الحب ،غير أنه يبقى مثاليا في فكرته ، يسخّر برغماتيته في توصيف الحبيب بل وتقديره له بصورة تظل تحتفظ بمهابتها إلى آخر لحظة .. جسده يبدو في حالة غناء كامل قبل أن يتحوّل إلى كلمات على الورق، وما يطرأ على هذا الجسد من تغيرّات، تبدو في أحوال العاشق اﻹنسان قبل الشاعر لديه، ربما اﻷخير استدعى اﻷول فالصوت مثلا يكتسب ذلك الارتخاء وما يتفرع عنه من تغيرّات أخرى تسبق إبداع النص الشعري، وهي شبيه بمتغيرات الجسد في بدايات النضج عند اﻹنسان غير أنها هنا تصاحب النضج العاطفي وعلى ما يبقيه على استعداد للكتابة .. ربما ثقيلة كلمة الكتابة هنا وهي شبيه بوصول الحالة لديه بلوغ الحد الانفعالي عندما يكون في أوج حالته .. تصاحب هذه التغيرات حالة الحب عنده فتجد صوته يستجيب لحالة الشجن والحرمان اللذين يقفا على مشارف حالته فيحس كأنه ينفصل عنها ويعود في الوقت ذاته هي أشبه بديالكتيك فني بين معطيات حالته وبين ما يتطلع إليه من كمال في رسم صورة الحبيب .. بين الروح والجسد .. بين ما يحققه اﻷخير من حرمان يستعذبه ويبقيه الأول من نشوة وفيمحاولة لجعل هذا الحرمان في صورة شعرية كاملة تفيض عذوبةورقة ولهذا تظل متحفظة بحرارتها كأنها كتبت اليوم ولهذا ثمة حلول في هذه النصوص أيضا وليس مجرد استلهام ورد فعل .كان لابد لصوت أن يترجم هذا الغناء بطبيعته .. هذه النصوص التي تشبه السيرة الذاتية لرحلة عاشق أن تتمسرح على صوت في قيمة أم كلثوم حتى قيل أن هناك ثمة قصة حب متوارية بينهما ربما أخذت سيرتها من النصوص ذاتها وأضفت اليها مخيّلة الذين تابعوها بصوت أم كلثوم التفاصيل التي يظن بأنها ظلت غائبة .. فهل كان وراء هذا الهدوء والدماثة التي صاحبت الشاعر وهذا البوح الذي ظل طازجا حب لم ننتبه له فعلا ونتبيّن ملامحه في النصوص ذاتها ؟! الحقيقة الشاعر الذي كتب لصوت كان يعشقه كل العشق ربما لم يتخيّل الكتابة لغيره، فظل وفيا له بمقاييسه الذي يراها كشاعر وانسان فهل كان ثمة هناك عاشق يتوارى ما بين اﻹنسان و الشاعر أو لنقل العاشق اﻹنسان في جبة الشاعر الفنان ؟