بين الأرقام والتطلعات
كيف ستكون واجهة أوروبا الكروية نهاية الموسم الحالي ؟
تسرع البطولات الكروية في أوروبا هذا الموسم الخطى نحو الغروب, لكنها تأبى أن تفارق الإثارة لحظاتها لثانية واحدة, راسمة في آخر المطاف لوحة فنية رائعة يتذوقها كل محب للساحرة المستديرة, لاسيما بعد أن يمضي وقت على انتهاء مبارياتها وتزول حمى التشجيع.
ولن ينقضي شهر مايو الجاري, قبل أن تفصح بطولات القارة العجوز عن هوية أبطالها, بعد أن قضي الأمر فعلاً في بعضها, كإسبانيا التي دانت للمرة الـ35 لريال مدريد, إلا أن الغموض يلف مسابقات عدة, ومنها القارية الـ3, المنتظرة 90 دقيقة فقط لتعلن عن فارسها.
(نجوم) ترصد أهم الأرقام واللحظات التي عمر بها نصف النهائي في بطولات دوري الأبطال, الدوري الأوروبي ودوري المؤتمر, وتطلعات الفرق التي بلغت المباريات النهائية.
لا جديد يذكر
كما كان متوقعاً, حظيت مباراتا ريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي في نصف نهائي دوري الأبطال
بالكم الأكبر من المتابعة الإعلامية والجماهيرية, وكانت هي وفية لكل ذلك, بما حملته من إثارة ومتعة امتدت إلى آخر دقائقها, وجاوزت في ذلك المنطق.
وبعد مباراة أولى ماتعة انتهت لمصلحة المضيف الإنجليزي 4-3, انتظرت مباراة الإياب إلى آخر دقيقتين لتخرج أجمل ما فيها, ويتحول تأهل مانشستر سيتي المضمون (كان فائزاً بهدف وحيد لرياض محرز) إلى حيرة وذهول, إثر تفوق استثنائي حققه الميرينغي بفضل ثنائية مهاجمه البرازيلي الشاب رودريغو.
وبفضل هذا التقدم امتدت المباراة لأشواط إضافية ظهر فيها المتألق بقوة كريم بنزيمة وسجل من علامة الجزاء, ليكتب مشهد الختام في (ريمونتادا) لن ينساها محبو ريال مدريد وكذلك مدرب المنافس, بيب غوارديولا بسهولة.
وباختصار يمكن القول أنه ورغم الطريقة الدراماتيكية التي تأهل بواسطتها (الميرينغي) للنهائي, فلا يمكن وصف ما حدث بالمفاجأة, فالفريق الإسباني بلغ المرحلة الأخيرة في هذه البطولة للمرة الثامنة (رقم قياسي) طامحاً لرفع اللقب للمرة الـ14 (رقم قياسي أيضاً).
عادة (الريمونتادا)
تعد (الريمونتادا) الأخيرة لريال مدريد الأكثر إبهاراً بين نظيراتها, إلا أنها ليست الوحيدة لفريق عرف دائماً من أين “يأتي الانتصار“.
وتعود علاقة النادي الملكي بـ(الريمونتادا) إلى ثمانينيات القرن الماضي, عندما عوّض تراجعه في مسابقة دوري الأبطال بانتصارات في كأس الاتحاد الأوروبي, أكثرها زهاء في موسم 1984-1985 والذي يليه.
ففي 24 أبريل 1985 أقبل الميرنغي على مغامرة صعبة في نصف نهائي كأس (اليويفا) عندما استقبل في مباراة الإياب إنتر ميلان الإيطالي, المنتصر ذهاباً 2-0, ولأن المستحيل ليس مدريدياً, فقد انتصر رفقاء بوتراغينو 3-0 وتأهلوا للنهائي, ثم ظفروا باللقب على حساب فيدوتون المجري.
وبعدها بعام, عاد ريال مدريد لممارسة هوايته مع (الريمونتادات) وحقق اثنين منها, الأولى في الدور الثالث أمام بروسيا مونشنغلادباخ الألماني (1-5 أتبعت بفوز 4-0) والثانية في نصف النهائي على حساب إنتر ميلان بانتصار في الإياب 5-1 تلا خسارة في الذهاب 1-3.
هذه (الريمونتادات) الموغلة في القدم سميت بانتصارات خوانيتو .. فما قصتها ؟
روح خوانيتو
خوانيتو هو مهاجم إسباني راحل, اسمه الكامل خوان غوميز غونزاليس, ظهر للمرة الأولى في دوري الدرجة الأولى الإسباني موسم 1972-1973 مع أتلتيكو مدريد, ثم ما لبث أن انتقل للجار الأبيض بعدها بـ4 مواسم, محققاً حلمه الذي وصفه بالقول : “اللعب مع ريال مدريد يشبه ملامسة السماء“.
وخلال عشر سنوات, رفع 5 كؤوس لـ(الليغا), وكأس (اليويفا) مرتان, لكن ارسم ارتبط بـ(الريمونتادات) التي حققها الفريق في هذه البطولة الأخيرة (3 مرات أمام إنتر ومونشنغلادباخ)
والغريب أن خوانيتو لم يسجل أي هدف خلال تلك المباريات, حيث تولى كل من ميشيل, سانتيلانا (3), فالدانو (4), غوريديللو (2) وهوغو سانشيز التهديف, لكن الانتصارات نسبت له لتصريحه قبل مباراة إنتر في أبريل 1985 بأن “90 دقيقة على ملعب سنتياغو برنابيو وقت طويل للعودة“.
ومنذ ذلك الوقت, أطلقت جماهير (الميرنغي) على قدرة فريقها على العودة في النتائج اسم “روح خوانيتو“, وازدادت التسمية انتشاراً بعد وفاة اللاعب في حادث سنة 1992.
عودة بعد غياب
غابت (الريمونتادات) زمناً عن ريال مدريد, بل كان ضحية لها, كما حدث له مع أياكس الهولندي موسم 2018-2019 (2-1 / 1-4) لكنه قبل هذا التاريخ بـ4 سنوات عرف عودة مظفرة على حساب فولفسبورغ الألماني – في ربع النهائي– كان بطلها نجمه البرتغالي السابق كريستيانو رونالدو, الذي سجل هاتريك عوض بها خسارة فريقه ذهاباً 0-2.
الأول دائماً
لكن الموسم الحالي لدوري الأبطال كان غنياً بـ(ريمونتادات) ريال مدريد, الذي سجل 2 منها, على حساب كل من : باريس سان جيرمان الفرنسي في دور الـ16 (0-1 / 3-1) ومانشستر سيتي الإنجليزي.
وإذا ما أضيف لهاتين المواجهتين خسارة (الميرينغي) في إياب ربع النهائي أمام تشيلسي الإنجليزي, يصبح ريال مدريد أول فريق في تاريخ دوري الأبطال يخسر مباراة على الأقل في كل دور من الأدوار الإقصائية ويبلغ رغم ذلك النهائي.
بطل قادم
انتزع البرازيلي رودريغو بكل اقتدار لقب بطل العودة في نصف النهائي, لأنه أعاد الروح إلى ريال مدريد بهدفين في الدقيقتين 90 و91.
وأضحى المهاجم الذي عزز صفوف (البلانكوس) سنة 2019 قادماً من سانتوس, أول لاعب في تاريخ البطولة يسجل هدفين في الدقيقة 90.
كما بات رودريغو, الذي هتفت جماهير (السنتياغو برنابو) باسمه مطولاً بعد مباراة نصف النهائي, وهو بعمر الـ21 سنة و115 يوماً, أصغر لاعب يسجل ثنائية في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
“الحكومة” ينتظر
انتظرت الضربة القاضية زمناً حتى انبرى لها الفرنسي كريم بنزيمة, المتألق بقوة هذا الموسم, والذي تحصل على ركلة جزاء نفذها بنفسه واضعاً ريال مدريد في النهائي.
هذا الهدف هو الـ10 لمهاجم منتخب الديوك في الأدوار الإقصائية (3 في شباك سان جيرمان ومثلها في مرمى الستيزن إضافة لـ4 مرات قض فيها مضاجع أنصار تشيلسي), ليعادل رقم زميله السابق كريستيانو رونالدو الذي حققه موسم 2016-2017.
ووسط هذا الأداء“الاستثنائي” لبنزيمة, الذي يلقبه كثير من أنصار ريال مدريد العرب بـ“الحكومة“, يتوقع كثير من المتابعين أن ينال اللاعب الكرة الذهبية, نظير ما قدمه هذا العام, بتتويجه بلقب الدوري الإسباني, وإمكانية تعزيز ألقابه في دوري الأبطال إلى 5, وضمانه جائزة هداف ذات البطولة (يملك الآن 15 هدفاً).
خامسة أنشيلوتي
منتصر آخر يمتلئ انتشاءً بفوز (الميرينغي) هو المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي, وقد أصبح الأول بين أقرانه الذي يبلغ 5 نهائيات لدوري الأبطال, فاضاً شراكة سابقة جمعته بكل من مواطنه مارتشيلو ليبي, الألماني يورغن كلوب والأسكتلندي أليكس فيرغسون.
وفي أول نهائي له كمدرب, قاد أنشيلوتي ميلان للفوز بالبطولة سنة 2013 على حساب مواطنه يوفنتوس, ثم خسر نهائيه الثاني – وهو على رأس القيادة الفنية للـ(روسونيري) بطريقة دراماتيكية أما ليفربول بركلات الترجيح, ثم رد الدين سنة 2007 بتتويجه مع (البيغ ميلان) على حساب (الريدز).
وفي رابع مرة يبلغ فيها أنشيلوتي النهائي, كان مدرباً لريال مدريد, وظفر بلقب شخصي ثالث, إثر الفوز على أتلتيكو مدريد 4-1.
كابوس غوارديولا
في المقابل, استمر كابوس دوري الأبطال جاثماً على صدر الإسباني بيب غوارديولا, مدرب مانشستر سيتي, الذي فشل في جلب الكأس ذو الأذنين إلى خزائن الفريق المملوك لمجموعة أبوظبي المتحدة.
وبعد أن كان قريباً من تحقيق اللقب الموسم الماضي, ثم مني بهزيمة في النهائي على يد تشيلسي, أراد بيب أن يعيد الكرة هذا الموسم, وكان بينه وبين النهائي دقائق معدودة, إلا أن لرودريغو وزملائه رأي آخر.
ولطالما مثّل نصف النهائي عقبة كأداء, ففي 6 مرات كان الخروج مصيراً لفرق دربها غوارديولا, بواقع مرتين مع برشلونة الإسباني (2009-2010 و2011-2012) وثلاث عندما كان مدرباً لبايرن ميونخ الألماني (2013-2013, 2014-2015 و2015-2016) إضافة لنسخة العام الحالي.
خطر أحمر
طرف النهائي الثاني هو ليفربول الإنجليزي, الذي ضمن تأهله بفوزين متتالين على حساب فياريال الإسباني, محققاً في مباراة الإياب ريمونتادا أكدت أن (الريدز) عازم على إضافة لقب سابع في دوري الأبطال.
وهذه المرة هي العاشرة التي سينازل فيها الفريق الأحمر منافساً في نهائي دوري الأبطال, وهو رابع فريق يحقق هذا الرقم بعد ريال مدريد (16 نهائياً), ميلان وبايرن ميونخ (11 لكل منهما).
انتقام الفرعون
وإلى جانب كل المحفزات السابقة, يدخل مهاجم ليفربول المصري محمد صلاح برغبة مضاعفة في إلحاق هزيمة بريال مدريد, مردها طلبه ثأراً من هذا الأخير, الذي كان – عبر مدافعه السابق سرجيو راموس– سبباً في إصابة أبعدت الفرعون عن نهائي 2018 وأخرجت مشاركته في كأس العالم بذات السنة بمظهر باهت.
وقد صرح صلاح بذلك, فكتب في تدوينة على حسابه بموقع (تويتر) بعد لحظات من تأهل ريال مدريد “لدينا حساب يجب تصفيته“, ثم أردف في مقابلة قصيرة : “هذه مباراة للانتقام“.