بعد النهاية الهتشكوكية
قراءة فنية للسداسي
ظل سداسي الدوري الممتاز لكرة القدم وفياً لعادته «الهتشكوكية»، واحتفظ بالإثارة إلى آخر جولاته، التي تمثلت في مباراة فاصلة، حسمت أمر اللقب بين بطل النسخة الماضية ووصيفه.
وعلى العكس من المستوى الفني الذي لم يتجاوز المتوسط والمعدل التهديفي المنخفض، حضرت الإثارة والتشويق بقوة، بأهداف أحرزت ثم ألغيت، وقرارات تحكيمية فرضت إعادة ركلات جزاء، أو بتغيير على مستوى النتيجة حملته الثواني الأخيرة من المباريات.
كما كان للتنافس الذي امتد إلى المركزين الثالث والرابع، المؤهلين إلى كأس الكونفيدرالية الإفريقية، تأثير كبير على حدة المنافسة.
وإذا ما استثيننا المباراة الفاصلة التي أفردت لها تغطية خاصة في هذا العدد، فقد كانت فرق بعينها – في الجولات الخمس الرئيسة – وفية لعاداتها في المنافسة، وسقطت أخرى في آخر المراحل، لأسباب متداخلة.
موسم استثنائي
دخل الأهلي طرابلس السداسي كمرشح فوق العادة لنيل اللقب الـ13، فهو صاحب التشكيلة الأقوى، والقادم من مشاركة جيدة في كأس الكونفيدرالية الإفريقية.
كما أن للنادي اسماً، إذا ذكر، أرفق بحضور في الألعاب الجماعية ، فقد كان هذا ديدنه قديماً وحديثا، وبعد نجاح في السلة والطائرة واليد، كان لزاماً على فريق كرة القدم أن يقاتل بكل قوة لينال ما نالته نظيراته، فالظفر بالألقاب نعرفها من الأهلي طرابلس.
لكن «أرمادا» المدرب فتحي الجبالي، التي مضت في الدوري، لا يلوي على شيء «سوى الفوز» في الدوري حتى تصدرت المجموعة الثانية، عانت من حلقة ضائعة في السداسي، فهو يؤدي جيداً، لكن مع إضاعة لفرص محققة.
هذا الأمر أفقد الفريق الانفراد بالصدارة في نهاية الجولة الخامسة وقاده إلى ديربي فاصل، له حسابات خاصة، اختلفت عن كل ما سبق.
عودة الروح القتالية
يفتخر الاتحاد بمقدرته على التكيف مع الأوضاع مهما بلغ تغيرها، وبأنه الطرف الصعب في كل معادلة كروية «محلية»، ولأجل ذلك لم يرض إلا بالمنافسة الجدية، رغم سوء نتائجه في آخر مراحل الدوري.
وقد مرّ رفاق زعبية هذا الموسم بأطوارٍ عدة، فبدأ بقوة وتصدر المجموعة الثانية لأسابيع طويلة، ثم جاء الخروج من الكونفيدرالية الإفريقية ليشكل هزة ألقت بالاتحاد إلى المركز الثاني في المجموعة، بعد خسائر عدة.
إلا أن كل ذلك اختفى بعودة المدرب أسامة الحمادي، الذي أعاد معه الروح القتالية والإصرار، فانتزعت المشاركة في الصدارة في آخر ثواني الجولة الخامسة، وانتقل الفريق للمباراة الفاصلة.
بين الكبار
تواجد للمرة الثانية على التوالي في المراحل الإقصائية الأخيرة للدوري الممتاز، موقعاً على شهادة تفيد بأنه أضحى رقماً صعباً وكبيراً من كبار القوة، وكيف لا وهو صاحب الهجوم الأقوى واللعب الأجمل.
ولم ينقص الأخضر إلا بعض التوفيق فقط والإيمان الكامل بالحظوظ والخبرة، وإلا لكان هناك بطل جديد للممتاز.
ويعود الفضل في ما بلغ إليه الفريق إلى التوليفة التي صنعها المدرب التونسي سمير شمام، والتي اعتمدت «الهجوم ثم الهجوم» متكئة في تحويل الرسم التكتيكي إلى واقع على هجوم مرعب، قاده هدافا السداسي أحمد كراوع والأنغولي آري بابل (لكل منهما 3 أهداف)، إضافة للبنيني جاك بيسان.
ولأن لكل مجتهد نصيبا، فقد نال الأخضر جزءاً مما أراد وتمكن من الحصول على مقعد في مسابقة كأس الكونفيدرالية الإفريقية.
مزاجية تضيع اللقب
نظرياً، يمتلك بطل النسخة قبل الماضية من الممتاز أسماء مرعبة، على غرار النيجيري جونيور آجايي الذي فرض اسمه بقوة في بداية السداسي، القائد وصانع الألعاب الهداف سالم روما، وغيرهم، لكن هذا الجمع يؤدي بمزاجية غريبة.
فبعد بداية قوية، انحدر المستوى، وبدأت الهزائم تظهر، وعندما قرر النصر أن يستعيد هيبته كان الوقت قد انقضى، فاكتفى بالمركز الرابع، بما فيه من سلوى المشاركة القارية.
لكن يجب على الفريق بدء الاستعداد الجدي للموسم القادم، إما عبر المواصلة مع المدرب التونسي الشاب كريم التواتي، أو باختيار بديل مناسب، والابتعاد عن المشاكل الداخلية التي أطاحت كثيراً بطموحات النصر.
أخطاء النهاية
شكلت النهاية عائقاً – مرة أخرى – للأهلي بنغازي، الذي بدا قوياً في بداية الدوري، ثم تتالت أسباب عدة، لتجعله يفقد فرصته في الحصول على لقب خامس يزين به خزائنه.
وبعد أن أرعب المارد الجميع في البواكير، استكان للقمقم، وجاءت خيبات عدة، بدءاً برحيل المدرب الكرواتي رادان، ثم ظهور الفقر الواضح للمحترفين في السداسي، وانخفاض المستوى البدني، لتكتب فصلاً آخر من إخفاق مرّ عاشه مرات عدة جمهور الفريق.
وقد حاولت إدارة الفريق أن تستعين بالتونسي المخضرم فوزي البنزرتي، علّه يكون «حاويا» يأتي بالسحر ويجلب البطولة، لكن الحمل كان أكبر من قدرة هذا الأخير، واحتل رفاق الواعد علي يوسف مركزاً خامساً، لايتماشى مع تاريخ النادي العريق.
إثبات الذات
ظهر الأولمبي عنيداً كما كان دائماً، وحاول بقوة إثبات قدرته على المنافسة، والتأكيد على أن وصوله للسداسي لم يكن محض صدفة.
تأثر أبناء الزاوية بعوامل عدة، منها فارق الإمكانات، لكن الإصرار والعزيمة جسرتا بعضاً من الهوة، إضافة لقدرة كبيرة أظهرها المدرب الشاب مروان المبروك، الذي بدأ متأخراً منذ الجولة الثانية، إلا أنه شكل صداعاً للمنافسين.
ورغم صعوبة الأمر، حلم أبناء الأولمبي بإعادة ملحمة 2003-2004، وهم وإن لم ينجحوا في ذلك، إلا أنهم كانوا طرفاً صعباً أعاد تشكيل مجريات السداسي.