ماريا شارابوفا
أيقونـــــة نجاح تأبى النســـــيان
رغم مرور عامين على الاعتزال .. اسم شارابوفا يتصدر قوائم البحث على شبكة الإنترنت
عادت سيرة الفاتنة الروسية ماريا شارابوفا إلى صدارة الأخبار مجدداً، بعد عامين ونيف من إعلانها الاعتزال، وكان السبب هذه المرة إنسانياً وبعيداً عن الرياضة، فملكة جمال الملاعب الصفراء أضحت أماً.. وقبل أيام قلائل، نشرت اللاعبة التي ساهمت بجمالها في انتشار التنس – خاصة في بلدان لا تملك تقاليد عريقة لهذه اللعبة – على حسابها بمنصة (إنستغرام) صور مولودها الجديد، الذي بات يعرف بـ”تيودور غيلكس”.
ووصفت شارابوفا اللحظات التي تلت إحساسها الفعلي بالأمومة بأنها “جميلة مع كل التحديات المستقبلية”، معتبرة أن حياتها مع زوجها – رجل الأعمال البريطاني ألكسندر غيلكس- اتخذت منحى جديداً “أكثر عاطفية”.. وبالرغم من ابتعاد الفاتنة الشقراء عن لعبة التنس منذ العام 2020، إلا أن أخبارها الجديدة طغت على مساعي البولندية إيغا شفيونتيك، المصنفة أولى عالمياً في الوقت الراهن، لتعزيز سطوتها على التنس النسائي، وسط تطلعات منافسات، على رأسهن التونسية أنس جابر، وصيف النسخة الأخيرة من بطولة ويمبلدون.
عصية على النسيان
وأكدت شارابوفا بذلك أنها صنعت اسماً يصعب نسيانه – على الأقل في المستقبل القريب، موضحة بجلاء أنها ” أيقونة نجاح يأبى النسيان”.
ولم يثر هذا الأمر استغراب كثيرين من محبي التنس، لاسيما أولئك المتابعين للنجمة الروسية، فهي لم تكن – يوماً ما – طارئاً، يظهر للحظات أو سنوات ثم يختفي .. بل اسما خالدا في عالم التنس.
ومنذ بداياتها الأولى تألقت ونجحت في إحراز بطولات عدة .. ووصلت بشهرتها أماكن لم يحلم بها أساطير للعبة سبقوها أو عاصروها .. ثم عندما حان وقت الاعتزال لم يتغير شيء .. فما تزال تذكر ويشار إليها بالبنان في كل حين.
وقبل عام تقريباً، أدرجت ماريا شارابوفا في تصنيف الرياضيين الذين يتمتعون بأكبر قدر من الثقة بين الروس، بعد اختيار 40 ألف روسي لها ضمن استفتاء أجرته شركة (Romir).
شاربوفا الشقراء الفاتنة التي ولدت في أبريل 1987 بنياغان .. تربعت في قلوب محبي التنس مذ كانت في السابعة عشرة من عمرها.
وجنبا إلى جنب .. قاداها موهبتها وجمالها إلى أن تكون اللاعبة الأشهر في عالم الكرة الصفراء .. وإحدى أشهر نساء الكون .. والوجه الرابح للشركات إن أرادت الإعلان .. حتى في فترة إيقافها على خلفية اتهامها بتعاطي مواد منشطة محظورة.
مرارة الاعتزال
ويتذكر كثيرون بمرارة تجد طريقها إلى حلوقهم، في أحد أيام فبراير 2020، ذكرى حزينة، تتمثل في إعلان فاتنة الملاعب الصفراء اعتزال اللعب على المستوى الاحترافي، منهية مسيرة امتدت لأكثر من 19 عاماً، تناوبت فيها الإنجازات والإخفاقات.
ويومها كتبت شارابوفا، المولودة في سيبيريا، بمدينة لا تبعد عن مفاعل تشرنوبيل الأوكراني، الذي انفجر في ثمانينيات القرن الماضي، نبأ الاعتزال عبر مقال كتبته في مجلة (فانيتي فير)، ووجهت خلاله رسالة لمعجبيها قالت فيها : “إنه حدث جديد بالنسبة لي، لذا سامحوني من فضلكم .. وأقول لكم وداعا“.
وجاء التفاعل من مشجعيها عاطفياً، فكتب أحدهم أنه “اعتزل متابعة التنس بعد مغادرة شارابوفا” فاللعبة أصبحت في نظره “باهثة بدون حسنائها”، فيما قالت أخرى:” سنفتقدك كل يوم .. ولن يعود التنس بعدك كما كان قبلك”.
ثناء نادال
لكن الرأي الأكثر تمثيلاً لهذا الحدث على أرض الواقع جاء من أحد أبرز لاعبي التنس، وهو الإسباني رافائيل نادال، الذي علق: ” إنه يوم حزين للتنس لرحيل لاعبة تعتبر مرجعاً للمنافسات النسائية، لكننا جميعاً سننهي مسيرتنا يوم ما، كانت مثالاً للشغف بالرياضة .. وباعتزالها انتهت مرحلة معينة من تاريخ هذه اللعبة”.
وصدق نادال، فشارابوفا قدمت لمرحلة جديدة للتنس، تمزج بين التألق والجمال وتضيف للاعباته نقاط قوة أخرى بعيدا عن الأداء في الملعب، ونجحت في ذلك أيما نجاح، فكانت ملء السمع والبصر، وشهدت إيراداتها المالية – وهي الأعلى بين نظيراتها حيث بلغت وفقا لمجلة (فوربس) 325 مليون دولار طيلة حياتها- على شهرتها التي بلغت الآفاق.
عودة للماضي
بزغ نجم شارابوفا أول مرة عام 2004 ولم تكن يومها قد تجاوزت عامها السابع عشر، عندما فازت على سيرينا ويليامز وأصبحت ثالث أصغر شابة تحمل اللقب الفردي في بطولة ويمبلدون.
وفي عام 2005، أصبحت شارابوفا أول روسية تحتل الترتيب الأول عالمياً، قبل أن تحقق ثاني ألقابها الفردية في مسابقات (غراند سلام) في بطولة أمريكا المفتوحة في العام التالي.
وانتظرت (ماشا) ثلاث سنوات لتظفر بلقب بطولة أستراليا المفتوحة، بعد ماعانت من إصابة في الكتف سنة 2007، وهي إصابة عاودتها مجدداً وحرمتها من منافسات النصف الثاني لـ 2008.
وفي عام 2012، فازت شارابوفا ببطولة فرنسا المفتوحة في رولاند غاروس، لتصبح بذلك عاشر امرأة تُكمل دائرة بطولات غراند سلام الأربعة، قبل أن تفوز بالميدالية الفضية في أولمبياد لندن.
ثم أكدت أنها من طينة اللاعبات الكبار سنة 2014 عندما تغلبت على الإصابات وأحرزت للمرة الثانية بطولة فرنسا المفتوحة، وخامس وآخر فوز لها ببطولات غراند سلام.
السقطة الكبرى
ومن بين كثر، كانت الإصابات العدو الأشد وقعاً على مسيرة شارابوفا، فكانت كتفها المصابة توقفها في كل مرة عن التقدم، وازدادت التوقفات طولاً، ولم تلعب بعد هزيمتها المدوية في فلاشينغ ميدوز العام الماضي إلا مرتين، وظهرت بشكل باهت في بطولة أستراليا هذا العام.
لكن أمرأً آخر فتّ في عضد شارابوفا وكانت سقطة كبيرة لوثت مسيرتها، وتسبب في صدمة لمتابعيها بعد أن أعلن عن تواجد مادة (ميلدونيوم) المحظورة في عينة لها خلال الكشف عن المنشطات في بطولة استراليا المفتوحة 2016، فتمّ إيقافها لـ15 شهرا في السنة التالية.
باختصار
وبالنظر إلى 28 عاماً مارست فيها التنس كمبتدئة ثم محترفة، أحرزت خلالها 5 ألقاب كبرى، وكانت أول روسية تتصدر التصنيف العالمي للاعبات (سنة 2005)، لا يمكن وصف شارابوفا بـ”الأفضل في تاريخ التنس” .. ولا حتى في جيلها .. لكنها امتلكت طريقة لكسب قلوب المشجعين .. وأسست بالمزج بين المهارة والجمال والأناقة وخفة الدم .. مدرسة جديدة في عالم الرياضة .. جعلتها تتفوق وهي معتزلة على لاعبات ما يزلن يحرث الملاعب بحثاً عن الألقاب.