مجددا..هل يتمكن الأخضر والنصر من جعل الكونفيدرالية الإفريقية «ليبية الهوى» ؟
مثّلت المواجهة الليبية – الليبية الأولى على المستوى القاري في كأس الكونفيدرالية الإفريقية الموسم الماضي، حدثاً لا يمكن للذاكرة الكروية تخطيه – على الأقل في القريب العاجل.
فوصول فريقين هما الأهلي طرابلس والاتحاد إلى ربع النهائي، على الرغم مما تعانيه كرتنا من اضطرابات – بعضها من خارج عالم الرياضة – ما كانت بلدان أخرى لتنوء بها، أعاد الروح إلى كرة القدم المحلية، وعزز آمالاً برؤيتها تنافس الفرق الإفريقية مجدداً.
واليوم، تتجدد هذه الآمال، وقد تجهز فريقان للمضي قدماً وصبغ كأس الكونفيدرالية بصبغة «ليبية» خاصة وأن أحدهما سيعفى من الأدوار التمهيدية.
ويدرك الأخضر أن التمرس المحلي مآله تواجد خارجي، وبعد أن كان فريق مدينة البيضاء نداً قوياً طوال السداسي الختامي للدوري الممتاز، تواجد في المركز الثالث، فضمن بذلك عودة إلى البطولات الأفريقية بعد غيام تجاوز عقداً من الزمن، وآماله متعاظمة بفعل متغيرات وضعته رقماً ثابتاً في معادلة الكبار بدورينا.
ومثله يفكر النصر، صاحب الترتيب الرابع في الممتاز، بتجربة إفريقية تعيد له أمجاده، التي كانت ثمانينيات القرن الماضي شاهدة عليها، عندما بلغ نصف نهائي كأس الاتحاد ومنع من الاستمرار لأسباب بعيدة عن الرياضة.
وبعد أربعة عقود، يطمح رفاق سالم روما إلى أن يكرروا ما فعله العيساوي وجيله، في بطولة ورثت تلك التي كاد النصر يحققها ذات يوم.
ومثلما فعلنا مع ممثلينا في دوري الأبطال، ها هي وقفة – تعود إلى التاريخ منطلقاً – لنجوم مع فارسينا في كأس الكونفيدرالية «الأخضر والنصر».
قطف الثمار
قطف الأخضر ثمار الاستقرار الفني على المدى الطويل، بأن صنع فريقاً بات أحد كبار كرة القدم الليبية، بتواجده مرتين على التوالي في الأدوار الحاسمة، ولأجل ذلك، أصرت الإدارة على الاحتفاظ بالقوام السابق للتشكيلة والجهاز الفني.
فقد أعلن وحتى قبل نهاية السداسي عن تجديد عقد المهاجم الأنغولي الخطير آري بابل، والذي توج هدافاً للممتاز، ثم أتبع ذلك بفعل مشابه مع متوسط الميدان أنس الورفلي «مانجا»، مع اتجاه لإبقاء المهاجم أحمد كراوع وبقية العناصر التي جعلت الأخضر «مرعباً للمنافسين».
ومع هؤلاء، ينظر إلى استمرار التونسي سمير شمام على رأس الجهاز الفني ، كضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، عطفاً على فهم هذا المدرب لسيكولوجية اللاعبين وانسجامه معهم.
سلاح الهجوم
وإذا ما سارت الأمور كما هو مخططاً لها، سيشهر الأخضر سلاح الهجوم كما فعل دائماً، متكلاً في ذلك على نخبة من اللاعبين الذين يعرفون طريق الشباك جيداً، كالأنغولي بابل، كراوع والبنيني جاك بيسان، ومن ورائهم خط وسط قادر على الإمداد بطريقة استثنائية.
وخلال الموسم الماضي، أوقع هجوم هذا الفريق الرعب بقلوب المنافسين، واستطاع تسجيل 46 طوال الموسم (المجموعات والسداسي) وإذا ما ما واصل على ذات الكيفية، سيكون له شأن كبير في الكونفيدرالية.
عودة بعد غياب
ستسجل النسخة القادمة من كأس الكونفيدرالية عودة الأخضر إلى الأدغال الأفريقية، بعد غياب امتد 14 عاماً، حيث تعود ثاني وآخر مشاركة للفريق في هذه البطولة إلى موسم 2008-2009.
ويخبرنا التاريخ أن فريق مدينة البيضاء سجل حضوره القاري الأول في مسابقة كأس الكونفيدرالية موسم 2006-2007، وقابل في الدور التمهيدي حرس الحدود المصري، ففاز عليه ذهاباً 1-0، إلا أنه انقاد لهزيمة ثقيلة إياباً قوامها أربعة أهداف دون مقابل، وغادر المسابقة.
ولم يمض عامان، حتى عاود الأخضر الظهرو في الكونفيدرالية (موسم 2008-2009)، فتجاوز في الدور التمهيدي تريبليون التشادي، إثر استبعاد هذا الأخير من قبل «الكاف»، ثم مضى قدماً عابراً يانغ أفريكانز التنزاني، بتعادله معه ذهاباً 1-1، ثم الفوز بهدف نظيف إياباً، لكن المسيرة توقفت على يد حرس الحدود المصري، الذي تعادل مع الأخضر في ذهاب الدور الـ16 بنتيجة 1-1، وانتصر عليه إياباً 0-1.
وبالتالي يعد فوز الأخضر بهدف على كل من حرس الحدود ويانغ أفريكانز هو الأكبر في مسيرته الإفريقية، أما الخسارة الأثقل فتلقاها من حرس الحدود برباعية نظيفة.
وإجمالاً لعب الأخضر طوال تاريخه في الكونفيدرالية 6 مباريات، فاز في اثنان وخسر مثلهما وتعادل في مباراتين أيضاً، ولم يتعرض للهزيمة عندما يلعب على أرضه.
ثقة في الاسم
يضع محبو النصر أيديهم على قلوبهم وجلاً من أوضاع غير مستقرة تحيط بفريقهم الأول لكرة القدم، وقد تعصف بمشاركته القادمة في كأس الكونفيدرالية، إلا أن بعضاً منهم يؤكد بكل ثقة أن اسم «النصر» كفيل بأن يصحح ما فسد ويعيد الأمور إلى نصابها الحقيقي.
ولا تبدو هذه «الاضطرابات» جديدة على النادي، فقبل السداسي أشيع أن بعضاً من اللاعبين متذمرون، وتزامن ذلك مع انسحاب المدرب التونسي شهاب الليلي، ما اضطر إدارة النصر للاستعانة بمواطن الليلي «الشاب كريم التواتي».
لكن كل ما ذكر استحال من الماضي، بمجرد أن لعبت مباريات السداسي، وانطلق النيجيري جونيور آجايي ومن وراءه سالم روما ويحيى الزليتني وخالد مجدي وسالم التاورغي، يبثون الرعب في الخصوم، وينافسون بلا هوادة على اللقب، لولا السقوط لاحقاً.
ومثلما حدث بالسداسي، يتوقع كثيرون أن تختفي كل المشاكل التي قيل أنها تحيق بالنصر، بمجرد أن يبدأ الفريق مشواره الإفريقي في التاسع من سبتبمر القادم.
العيساوي يتدخل
وتحاول الإدارة أن تجد حلولاً لما كل ما يحيط بالفريق، وقد ذكرت مصادر من داخلها أن لجنة فنية بقيادة أيقونة النصر فوزي العيساوي ، سيعهد إليها بترتيب البيت الداخلي، لاسيما الصفقات المنتدبة، قبل موعد إرسال القائمة الإفريقية.
ويمثل تدخل العيساوي ثقلاً كبيراً، نظراً لما يتمتع به اللاعب الدولي السابق والذي قاد النصر إلى أول ألقابه في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي، من شعبية واحترام كبير في الأوساط النصراوية.
خطة العمل
ويبدو واضحاً أن هذه اللجنة ستعمل على خطين متوازيين، الأول بإقناع بعض اللاعبين بالتمديد، مع بحث متأنٍ عن وافدين جدد، يقدمون الإضافة اللازمة، والثاني يعتمد الأسلوب النفسي، عبر تحفيز التشكيلة النصراوية على تسجيل نسخة أفريقية متميزة.
وستضع اللجنة نصب أعينها تلك المسيرة الاستثنائية التي كتبها جيل نصراوي متميز، قاده العيساوي نفسه موسم 1985-1986، وبعد أن أعفي الفريق من خوض تمهيدي كأس الاتحاد الإفريقي – الذي أقيمت كأس الكونفيدرالية عل أنقاضه، تمكن النصر من تجاوزترارزة روسو الموريتاني في دور الـ32، بتعادله ذهاباً معه 1-1، ثم الانتصار عليه بهدفين نظيفين في الإياب.
وفي دور الـ16، حقق النصر (ريمونتادا) على حساب اف سي 105 الغابوني، الذي لم يهنأ بتفوقه في المواجهة الأولى أمام رفاق العيساوي 2-1، لأنهم – أي لاعبو النصر – انتصروا إياباً 3-1.
وتبادل النصر وكمبالا سيتي الأوغندي التفوق 1-0 في مواجهتي ربع النهائي، ليلجئا إلى ركلات الترجيح، التي ابتسمت للنصر (4-2).
وعندما كان الفريق يهم بمقابلة الأهلي المصري في نصف النهائي، ألقت السياسة بوجهها الكريه في عالم كرة القدم ومنعت النصر من مواصلة مغامرته.
مشاركات متباينة
وتعود المشاركة الأولى للنصر في كأس الاتحاد الإفريقي إلى موسم 1979 -1980 والتي أتبعت بـ6 أخريات، خاضت فيها جميعاً فرق النصر المتعاقبة 32 مباراة، فازت في 10 منها، خسرت في 13 وتعادلت في 9.
ويمتلك النصر في سجلات الكونفيدرالية 27 هدفاً، مقابل 36 ولجت شباكه.
ويعود أكبر فوز للنصر في البطولة إلى سنة 2000، عندما تفوق على موغاسي 90 البنيني سنة 2000 بنتيجة 5-0، أما أكبر خسارة تلقاها فكانت أمام حسنية أغادير 5-0 في موسم 2019-2020.