الميرينغي في دوري الأبطال
سلاح بنزيمة في يد .. وفي الأخرى تميمة الحظ
صمتت أوروبا يوم الخميس الماضي، وانقطع الضجيج المنتشر في أرجائها بفعل الحرب الروسية في أوكرانيا وما تلاها من نقص في إمدادات الطاقة ولجوء إلى قطع الكهرباء عن الأماكن العامة وانخفاض اليورو أمام الدولار للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، لترهف الأسماع إلى مدينة إسطنبول التركية، لتتابع بترقب منقطع النظير قرعة دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، والذي سينطلق بدءاً من 6 سبتمبر القادم.
ولم يكن هذا الأمر مستغرباً، فالبطولة تعد الأقوى على مستوى العالم، ويتنافس من أجل خطب ودّ كأسها «ذو الأذنين» فرق تضم في صفوفها أعظم لاعبي العالم.
وما بين رغبة ريال مدريد الإسباني حامل اللقب في تأكيد سطوته القارية، وتطلعات غريمه برشلونة في استعادة بريقه، وكذلك آمال قطبي ميلانو في إيجاد موطىء قدم «إيطالي» في الخارطة الأوروبية الجديدية، ومحاولات مانشستر سيتي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي المدعومين بأموال خليجية في تسجيل اسميهما في القائمة الذهبية للبطولة، واستبعاد أندية روسيا الذي لن يكون مؤثراً، سنتابع على مدى أشهر – يقطعها كأس العالم في قطر – مواجهات تتسم بالندية والإثارة المتجاوزة في مداها أي فكر «هيتشكوكي».
كما أن أرقاماً قياسية ستهوي، وأخرى ستتحقق، وستولد بواكير وتتجدد مواعيد في هذه النسخة من دوري الأبطال، ونحن هنا نرصد كل ذلك.
ريال مدريد وتميمة الحظ
نبدأ بحامل اللقب وصاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب ريال مدريد، والذي يؤكد أنصاره أن هذه البطولة ستكون استثناء إلى ذهبت إلى غير فريقهم.
ودائماً ما يتفاخر مشجعو (البلانكوس) بأن الفريق الإسباني قادر على قهر كبار أوروبا مهما خلت تشكيلته من النجوم، ويستدلون بشواهد عدة، آخرها «الريمونتادا» التاريخية أمام مانشستر سيتي في نصف نهائي
النسخة الماضية من أمجد البطولات الأوروبية.
ويأبى الحظ «أو توفيق المجتهد» إلا أن يبشر كتيبة الإيطالي كارلو أنشيلوتي قبل ضربة البداية، فيضعها في مجموعة خالية من الأسماء المرعبة، رفقة فرق لايبزغ الألماني، شاختار الأوكراني وسيلتيك الأسكتلندي.
وإلى جانب الفروق الكبيرة بين (الميرينغي) وبقية منافسيه في المجموعة السادسة، يذكر التاريخ أن النادي الإسباني قابل شاختار 3 مرات في دوري المجموعات بدوري أبطال أوروبا فاز بلقب نسختي 2016 و2022.
في صحة «البالون دور»
لكن النادي الملكي الإسباني لن يتكل فقط على الحظ وتمائمه، فهو يمتلك تشكيلة جيدة متناغمة يقودها مدرب محنك، وتضم أسلحة فعالة عدة.
فإلى جانب خبرة ومهارات الكرواتي لوكا مودريتش، يتواجد الألماني توني كروس، كما أن الدفاع ازداد صلابة بانضمام الألماني روديغير، ومن خلف الخط الدفاعي يقف حارس عملاق هو البلجيكي تيبو كورتوا، صاحب الفضل في تتويج الموسم الماضي.
إلا أن أمضى الأسلحة يتواجد في الهجوم، بثنائي يجمع البرازيلي المهاري والسريع فينيسيوس جونيور والفرنسي المخضرم كريم بنزيمة.
وتعتبر موسم 2021- 2022 استثنائياً في مسيرة اللاعب البالغ من العمر 34 عاماً، بتسجيله 50 هدفاً، وقيامه بـ16 تمريرة مفتاحية، وإحرازه 4 ألقاب، إضافة لنيله جائزتي هداف الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، ولاعب العام في دوري الأبطال.
كما أصبح بنزيمة أكثر لاعب يسجل أهدافاً في الدوريات الخمسة الكبرى خلال 2022، برصيد 26 هدفاً، وهو ينتظر بتؤدة تتويجه بـ”البالون دور”.
خوف وتحدٍ
في المقابل، يتمثل لسان حال بعض من مشجعي الغريم برشلونة بصدر بيت الشاعر الأموي جرير (لولا الحياء لهاجني استعبار)، فلولا مكانة الفريق الكتالوني وتباشير عودة إلى عهد قوي مضى، لأبان محبو (البلوغرانا) امتعاضاً من وقوع فريقهم في المجموعة الثالثة «الحديدية» مع بايرن ميونخ الألماني، إنتر الإيطالي وفيكتوريا بيلزن التشيكي.
وتمثل مواجهة النادي البافاري كابوساً لبرشلونة الذي بدأ يستعيد هيبته مع مدربه الشاب تشافي هرنانديز، إلا أنها قد تكون امتحاناً حقيقياً سيطلق العنان «للكتلان» إن نجحوا فيه.
فخلال 13 مواجهة أوروبية جمعت برشلونة ببايرن ميونيخ، كانت الخسارة قرينة للنادي الإسباني في 9 مرات (أقساها سنة 2020 بنتيجة 2-9)، مقابل الانتصار في مباراتين اثنتين.
لكن ما يطمئن تشافي ولاعبيه أن الفوزين اللذين حققا أمام النادي البافاري كانا في دوري الأبطال، كما أن الصفقات الجديدة التي دعمت الفريق لن تجعله لقمة سائغة لدى المنافس الألماني.
مفارقة «ليفا»
يعيش روبرت ليفاندوفسكي مفارقة غريبة، ففي أول موسم له مع برشلونة، سيقابل بايرن ميونخ، الذي قضى بين جنباته 8 سنوات، وحقق معه أرقاماً تصعب على التكرار.
ولن يكون المهاجم البولندي سعيداً بهذه المواجهة، فقد جاءت عكس آماله، التي صرح بها لوسائل الإعلام قبل القرعة، قائلاً أنه لا يرغب في مواجهة بايرن ميونيخ.
ومرد هذه التصريح إلى رغبة (سوبر ليفا) في زيارة شباك النادي البافاري، وأيضاً لقوة هذا الأخير، والتي بدت في نتائجه المرعبة بالدوري الألماني، وهو ما عبر عنه متوسط ميدان البايرن جوشوا كيميتش، مرفقاً ذلك القول بابتسامة ساخرة.
وهالاند أيضاً
ذات حال ليفاندوفسكي سيعايشه المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند، بعد أن أوقعت القرعة فريقه الحالي مانشستر سيتي الإنجليزي في مواجهة ناديه السابق بروسيا دورتموند الألماني.
الذي انتقل إلى ملعب الاتحاد، مقابل 60 مليون يورو، ليكون رأس حربة تطلعات النادي الإنجليزي والمدرب بيب غوارديولا، لنيل لقب دوري أبطال أوروبا، بعد محاولات عدة فاشلة.
لكن هالاند، الذي سطع نجمه بقوة مع بروسيا دورتموند (أحرز معه 86 هدفاً في 89 مباراة) لن يطيل الغياب على زملائه السابقين، وسيقابلهم في ثاني جولات دوري الأبطال على ملعب الاتحاد.
تطلعات ميلان
يمضي ميلان بهدوء في بناء فريقه الواعد، وبعد أن حقق لقب الدوري الإيطالي في الموسم الماضي، يدخل النسخة الحالية لدوري أبطال، بشعار «أكون أو لا أكون».
ورغم أن تشكيلة (الروسونيري) تفتقر إلى نجوم يضاهون أولئك المتواجدين في أقوى الأندية الأوروبية، إلا أن روح الفريق المتيمة حد الثمالة بدوري الأبطال، قد تحيل المستحيل واقعاً.
ويذكر بهذا الصدد تصريح لأدريانو غالياني، المدير التنفيذي السابق للنادي اللومباردي وأحد رواد فترته الذهبية، قال فيه أن نشيد دوري أبطال أوروبا، كفيل ببث الحماسة لدى لاعبي ميلان وإضافة قوة إلى قوتهم.
ويتواجد بطل (السيريا أ) في المجموعة الرابعة مع فرق تشيلسي الإنجليزي، سالزبورغ النمساوي ودينامو زغرب الكرواتي.
حظ سيء وجيد لإنتر
قدّم إنتر ميلان الإيطالي موسماً متميزاً قبل أشهر، لكنه خرج خالي الوفاض – باستثناء الكأس المحلية، دون أن يحول ذلك بين مساعي (النيراتزوري) للعودة إلى الألقاب وتحقيقها.
واليوم يجد الفريق المدجج بنجوم كبار، يتقدمهم العملاق البلجيكي روميلو لوكاكو، العائد إلى الصفوف بعد موسم في لندن، والأرجنتيني لاوثارو مارتينيز، نفسه مجبراً على بذل كل الجهود وإظهار كامل قوته، إذا ما أراد لعب أدوار كبرى في أقوى البطولات الأوروبية.
فالقرعة لم تكن رحيمة بإنتر ووضعته رفقة بايرن ميونخ الألماني وبرشلونة الإسباني في المجموعة الثالثة.
ولإن كان التاريخ يرجح كفة النادي الكتالوني في مواجهة إنتر (8 انتصارات للبلوغرانا مقابل انتصارين للنادي الإيطالي)، فإنه يصطف مع هذا الأخير إذا ما تعلق الأمر ببايرن ميونخ.
ففي 8 مباريات جمعت إنتر والنادي البافاري، انتصر (النيراتزوري) 4 مرات، وكان للفريق اليد العليا في المواجهات التي لعبت خارج الديار (تعادل و3 إنتصارات .. بما فيها النهائي في موسم 2009-2010 بمدريد الإسبانية).
أسبقية يوفنتوس
تجمع المجموعة الثامنة فريقين يحملان ذات التطلع بخلفيات مختلفة، حيث يمثل اللقب مطمحاً ليوفنتوس الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي، على اختلاف في كون الأول مجرباً لحمل الكأس ذو الأذنين مرتين سابقتين، فيما يحاول النادي الباريسي أن يسجل اسمه ضمن كبار القارة العجوز، منذ سنوات، دون أن يحقق نجاحاً.
ويمتلك (البيانكونيري) سجلاً مثالياً مقابل الـ(بي إس جي)، فهو الفائز في 6 مرات من أصل 8 جمعته بالمنافس الفرنسي، وإذا ما أضيف لهما تعادلان، سيكون رصيد خسائر يوفنتوس أمام بطل فرنسا 8 مرات في آخر 10 مواسم «صفرياً».
لكن الأمر قد يختلف الآن، فسان جيرمان يضم في تشكيلته نجوماً كباراً، على غرار الفرنسي كيليان مبابي والأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار، وهو ما قد يغير ثوابت المعادلة وينقل جانب النصر فيها إلى جانب برج إيفل.
خطط ميسي
يملك الأرجنتيني ليونيل ميسي أحلاماً تتقاطع مع تلك التي تضج بها مخيلة إدارة ناديه، لكنها تنفصل عينها في جزئيات معينة.
فالبرغوث يريد أن يثبت نفسه، ويبعد عن الأذهان ما يقال بأن نجمه قد أفل، مذ غادر برشلونة محملاً بدموعٍ غزت المآق وإحباط ضجت به نفسه.
وما من وسيلة ستضع ميسي فوق الأعناق في عاصمة الأنوار، أفضل من نيل لقب عزّ على (بي إس جي) وامتنع عن فرنسا منذ أن فعلها مارسيليا سنة 1993، بل إن الرجل قد يجد له تمثالاً منصوباً في (اللوفر) أو قرب قوس النصر على ناصية (الشانزليزيه).
وإضافة لذلك سيكون في تألق ميسي تأكيد على أن عصره لم ينته، وتمهيد لظهور قوي في آخر نسخة كأس عالم سيحضرها.
أما على صعيد الأرقام، فيطمح (البولغا) إلى إحراز 15 هدفاً ستجسر الهوة بينه وبين متصدر ترتيب الهدافين التاريخيين لدوري الأبطال، كريستيانو رونالدو، حيث يملك الأرجنتيني 125 هدفاً، مقابل 140 أحرزها الدون البرتغالي.
وما سيساعد ميسي على مهمته هذه غياب رونالدو – حتى الآن عن البطولة – لكن كل شيء قد يتغير إن عاد البرتغالي من بوابة الانتقالات للظهور في دوري الأبطال.
تواجد أسكتلندي
عادت الأمور إلى نصابها وهدأت أمواج الأطلسي وتقاسم كل من غلاسكو رينجرز وسلتيك وجاهة الكرة الأسكتلندية، ليتواجد الفريقان في دوري الأبطال للمرة الأولى منذ 15 عاماً (موسم 2007-2008).
وبينما رأفت القرعة قليلاً بسلتيك حامل لقب الدوري الأسكتلندي، فوضعته في مجموعة «متوازنة»، رفقة ريال مدريد الإسباني، شاختار الأوكراني ولايبزغ الألماني، كانت قاسية مع وصيفه «الأزرق».
ويتعين على رينجرز – صاحب اللقب الأوروبي الوحيد – الذي فوت لقباً قارياً بخسارته في نهائي الدوري الأوروبي الموسم الماضي، بالخسارة أمام فرانكفورت الألماني بركلات الترجيح، أن يبذل جهوداً كبيرة، لتجاوز ليفربول الإنجليزي، أياكس الهولندي ونابولي الإيطالي.
وستمثل مباراة رينجرز وليفربول باكورة مواجهاتهما الأوروبية، وسيسعى «الغيرز» أن يماثل إنجاز غريمه سلتيك، الذي أطاح بـ»الريدز» من ربع نهائي الدوري الأوروبي موسم 2002-2003 بالفوز 2-0 ثم التعادل إياباً 1-1.
سلاح بنزيمة