لــ 6 أسـباب
كأس العالــم 2022 سيكون استثنائي
تستضيف قطر بدءًا من 20 نوفمبر الجاري نهائيات كأس العالم لكرة القدم، في نسخة استثنائية، ستكون الأولى بين ظهراني الشرق الأوسط، حيث ستتغير واجهة المنطقة لـ28 يوماً، لتتصدرها أخبار اللعبة الشعبية الأولى، بدلاً من الثورات والحروب والنزاعات السياسية والاقتصادية التي طالما شكلت بلدان هذه المنطقة أتونها لعقود من الزمن.
ولإن كانت الانتقادات قد تعالت منذ أن منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) شبه الجزيرة الخليجية فاحشة الثراء، شرف تنظيم كأس العالم، وذلك قبل 12 عاماً مضت، إلا أن وتيرة هذه الانتقادات قد تسارعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، كاشفة عن مآرب أخر للمنتقدين، تحمل في طياتها ماضيا استعماريا ونظرة عنصرية.
في مقابل ذلك، بدت قطر على أهبة الاستعداد وسارت بتجهيزاتها إلى ما كان مخططاً، مؤكدة قدرتها – بما تملكه من بنية تحتية تعد الأفضل في المنطقة – على تنظيم الحدث بشكل جيد.
وتباهي الإمارة الخليجية بميزات ستجعل النسخة القادمة من المونديال فريدة من نوعها، منها –
المساحة الصغيرة
استطاعت قطر أن تحيل نقطة الضعف هذه إلى قوة تعزز ملفها، بأن جعلت اقتراب المسافات الفاصلة بين الملاعب فرصة تمكن الزائرين من حضور أكثر من مباراة في يوم واحد أو في أيام متقاربة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للبلاد 11571 كيلومتراً مربعاً» وهي أصغر مستضيفي كأس العالم مساحة، وتقع الملاعب الـ12 في العاصمة الدوحة أو على أطرافها، ما يجعل التنقل سواءً للاعبين أو المشجعين أمراً في غاية اليسر،لاسيما وأنها جميعها مرتبطة بشبكات حديثة لـ»ميترو الأنفاق».
وستكون 35 ميلاً (ما يعادل 55 كيلومتراً) هي أقصى مسافة تفصل بين ملعبين من ملاعب المونديال، فيما يبتعد ملعبا «البيت» و»خليفة الدولي» عن بعضهما مسافة لا تزيد عن 4.5 ميل.
ترف بادٍ
أنفقت قطر كثيراً من أجل تنظيم كأس العالم، ومنذ أن حظيت بشرف التنظيم سنة 2010، بدأت في إرساء مشاريع عملاقة مرتبطة بالحدث، بلغت قيمتها الإجمالية لحد الآن 220 مليار دولار، بفارق 205 مليار دولار عن أقرب تكلفة سابقة «مونديال البرازيل 2014».
وترفع الإمارة الخليجية ما حققته على مستوى البنية التحتية كشعار على نجاح متوقع لكأس العالم 2022، بدءاً من الملاعب المذهلة، مروراً بشبكة المواصلات المتضمنة «ميترو الدوحة» الذي سيربط بين الملاعب ولا تتجاوز مدة الانتظار فيه دقيقتين.
كما سيكون لحاملي بطاقة «هيا» الذكية، المتوفرة على ذمة الحاضرين «سواء مقيمين أو زائرين لقطر»، وستعد هوية «مونديالية» لهم، إضافة لأنها حلت محل تأشيرة الدخول للبلاد.
وسيتمكن حاملو هذه البطاقة من التمتع بخدمات النقل المجانية، وبعض الخدمات الصحية مجاناً كذلك.
تغير الوجهة
منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى والشرق الأوسط مرتبطة بالحروب والنزاعات، فعلى أديمها اشتعلت نزاعات لم تنته وبين ظهرانيها اندلعت ثورات محفورة في الذاكرة.
لكن الأمر سيتبدل كلياً الأسبوع القادم، وستنبعث من المنطقة رائحة كرة القدم، حيث ستصبح لـ28 يوماً واجهة لمحبي اللعبة الشعبية الأولى.
ويأمل كثيرون أن تكون هذه البطولة باكورة لتجمعات رياضية كبرى تقام بالمنطقة، وأن تمثل هدنة تمتد منها قنطرة السلام لتعم أرجاء الشرق الأوسط.
المونديال شتاءً
لأول مرة سيقام كأس العالم في الشتاء، بعد أن اضطرت الأجواء الساخنة في قطر صيفاً، الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» إلى تعديل الموعد، على الرغم من تعهد البلد المضيف بإضافة تكييف للملاعب.. هذا التحول «الزمني» كان له مؤيدون ومعارضون، ففي الوقت الذي اعتبره البعض عاملاً مساعداً في ارتفاع النسق الفني، لتلائم حالة الطقس مع متطلبات اللعب الجيد، عارض آخرون بالقول أنه سيرهق اللاعبين القادمين من مسابقات مستعرة، كما أنه افتقد للاعبين أصيبوا قبل انطلاقاته بأسابيع.
بواكير تحكيمية وتنظيمية
لن يكون الجانبان التحكيمي والتنظيمي «بالنسبة للمباريات» بعيدين عن استثنائية مونديال قطر، سواء بدخول العنصر النسائي إلى الساحة الرئيسة، عبر الثلاثي المكوّن من الفرنسية فرابار والرواندية موكاسانغا واليابانية ياماشيتا.
كذلك ستكون ملاعب المونديال شاهدة على باكورة استخدام تقنية التسلل شبه الآلي وتعديلات تطال عدد التبديلات في المباراة وطرق احتساب النقاط.
انتقادات لمآرب أخرى
تعالت مؤخراً الانتقادات الموجهة إلى قطر وكأس العالم الذي ستنظمه، متخدة أسباباً عدة وأشكالاً أكثر تعددًا، فمن قائل أن الإمارة الخليجية لا تحترم حقوق الإنسان – لاسيما العاملين في بناء المنشآت التي ستستضيف الموديال، إلى آخر انبرى ليجعل من نفسه محامياً على مجتمعات لا تتلائم مع تقاليد الدين الإسلامي «كالمثليين ومعاقري الخمور»، مروراً إلى متحدث عن أثر المال «بالغ السوء» في كرة القدم.
ولم يتوقف الأمر عند الأفراد والمنظمات «الحقوقية والمدنية»، بل تعداها إلى شخصيات مسؤولة وحكومات، فقال السويسري سيب بلاتر، الرئيس السابق لـ»الفيفا» والذي اعتبر منح قطر تنظيم المونديال خطئًا، مروراً بالحكومة الألمانية، والتي شككت وزيرة داخليتها نانسي فايزر بأهلية قطر لاستضافة البطولة، كما التحقت فرنسا بركب المنتقدين، وتتالت مدنها في ركب قرر تنضم عدم بث مباريات كأس العالم في مناطق مخصصة للجماهير.
إلا أن كثيرين يحصرون ماهية الانتقادات في نظرة عنصرية، تعتبر كرة القدم وكأس العالم حكراً على أوروبا، ومحرم – وفق نظرتها – على البلدان النامية أن تنال هذا الشرف، لاسيما إن كانت إسلامية وناطقة بلسان الضاد.