سيكون له ما بعده.
5 أسباب تجعل تأهل الأخضر
لحظة مفصلية لكرة القدم الليبية
أبى الأخضر إلا أن تكون الإثارة القصوى صنواً لانتزاعه ورقة التأهل إلى دور المجموعات بكأس الكونفيدرالية الإفريقية، مخرجاً مشهداً هيتشكوكياً قلما تجود به ملاعب القارة السمراء، وتنداح معه الآمال بأن يحقق «العنيد» – والذي كان دائماً اسماً على مسمى – ما عجز عنه البقية ويجلب إلى بلادنا لقباً إفريقياً.
فمنذ صافرة البداية للقاء أبناء مدينة البيضاء وضيفهم بلاتوه يونايتد النيجيري الأربعاء الماضي، على ملعب «شهداء بنينا» ببنغازي، في إياب الدور الـ32 «المكرر» للكونفيدرالية، كان واضحاً أن رفاق سالم روما غير آبهين بما آلت إليه نتيجة الذهاب، من تفوق للفريق النيجيري بنتيجة 4-1، وضغطوا بكل قوة على مرمى الحارس سوراج أييولوزو. بداية سريعة..لكن كل الهجمات الخضراوية، والتي جاءت وسط هدير لا يوصف من جماهير عاشقة زحفت خلف الفريق إلى المدرجات، ثم ما انفكت تؤازره بكل ما أوتيت من قوة، لم تؤت أكلها، وحادت عن الشباك النيجيرية، ليعلن الحكم الكاميروني بليز يوفين إنجوا عن نهاية النصف الأول من المباراة بالتعادل السلبي، دون أن تفتر العزيمة لدى أبناء الأخضر.
ريمونتادا متأخرة .. لكن فعالة احتفظ الأخضر بمدربه التونسي سمير شمام بكامل الإثارة إلى الشوط الثاني، والذي جاء مشابهاً لسابقه في سيطرة زملاء وجدي سعيد على مجريات اللعب، ومخالفاً له في تغيير الأرقام على لوحة النتيجة في ملعب «بنينا».
وجاءت الدقيقة الـ62 ببداية الفرج، عندما استطاع أنس الورفلي «مانقا» أن يغالط دفاع بلاتوه ويسكن شباك حارس المرمى أييولوزو هدفاً أول، استدعى آمالاً كبرى لدى الجميع.
ثم حقق البديل مجمد الكستا ثاني الأهداف في الدقيقة 87، ليرسم منطقة تداخلت فيها الأحلام بالواقع، وعندما كانت المباراة تسير نحو نهايتها، تقدم القائد مصطفى حمزة ليتقمص دور المهاجم ويحرز هدف الفوز القاتل في الدقيقة 94.
لحظة مفصلية
هذا الانتصار الذي لم يكن مفاجئاً – عطفاً على عزيمة «العنيد» ومستوياته الكبيرة في المواسم الأخيرة – مثّل لحظة مفصلية لكرة القدم الليبية، سيكون لها ما بعدها، وفقاً لأسباب 5 هي : -
الوصول للمجموعات
هذه المرة هي الأولى التي يبلغ فيها الأخضر دور المجموعات في مسابقة إفريقية، وذلك في ثالث مشاركة للفريق بكأس الكونفيدرالية.
فالتاريخ يخبرنا أن فريق مدينة البيضاء قد أنجز أفضل تواجد قاري له، بعد مرة أولى في موسم 2006-2007، غادر فيها من الدور الثاني، وهو ذات المستوى الذي وقف عنده في مسابقة موسم 2008-2009.
ويضع هذا الإنجاز الأخضر ضمن أفضل 32 فريقاً بالقارة السمراء، كما يكرسّه كرقم صعب «على المستوى الإفريقي»، لاسيما وأنه نجح في ذلك بعد غياب عن المسابقات القارية استمر لـ14 عاماً.
مستدعيات «الريمونتادا»
عانت الفرق والمنتخبات الوطنية من «ريمونتادات» عديدة، كانت ضحايا لها، بفعل نقص الخبرة وضعف التركيز، لاسيما في اللحظات التي تحتاج ثباتاً انفعالياً كبيراً.
لكن الأخضر غير المشهد، وبدل قواعد اللعبة، فعرف كيف يثبت عندما مني بهزيمة كبيرة على أرض المنافس، وخبر أن الهدف خارج القواعد له أهميته «في ظل استمرار الجهات التنظيمية للعبة قارياً بقاعدة الهدف في ملعب المنافس – حال التعادل»، فتقدم وأحرز هدفاً في الدقيقة 84 بواسطة مهاجمه الأنغولي آري بابل» عندما كان منهزماً بثلاثية نظيفة.
ثم مضى مؤمناً بحظوظه « من خلال تصريحات لاعبيه قبل المباراة ولعبه في دقائقها» ولم يتأثر بتأخر الأهداف، حتى نال مراده.
ولأن تحقيق «ريمونتادا» صعبة بهذا القدر يستدعي في شروط تحقيقه عزيمة وقدرة ذهنية كبيرة وانضباطاً تكتيكياً لم نعهده في فرقنا، فإنه يشير بجلاء إلى تطور كبير «فني وإداري» لابد من استثماره.
الإدارة الإحترافية
لم يجد كثيرون في ما فعله الأخضر مفاجأة، فالفريق يقدم مستويات جيدة في الدوري الممتاز، أهلته لبلوغ السداسي الحاسم مرتين متتاليتين، ثم قادته نحو كأس الكونفيدرالية الإفريقية، ليبلغ فيها دور المجموعات.
ومرد هذا النجاح أسباب عدة متداخلة، أبرزها الاستقرار الفني الذي فرضه استمرار التونسي سمير شمام على رأس الجهاز التدريبي لسنتين متواصلتين، وهو ما يحسب لإدارة الأخضر، التي لم تنجر لعادة «متأصلة في كرتنا» تشهر بطاقة الإقالة لدى أول إخفاق عابر.
وليس أدل على إحترافية إدارة الأخضر من استجابتها لطلبات شمام في نهاية الموسم الماضي، عندما أقرت تغييراته دونما ضغوط، فأخلت سبيل الهداف أحمد كراوع، ثم جاءت بمن أرادهم المدرب.
وهذه الصفة بالذات، هي سد لمثلبة طالما أوتيت منها منتخباتنا وفرقنا، التي عانت من غياب الاستقرار وانعدام الانسجام، ونالت جزاء ذلك إخفاقات متتالية.
تمديد المشاركة القارية الموسعة
مثلت كرتنا بـ4 فرق في مسابقتي دوري أبطال إفريقيا وكأس كونفيدرالية «الكاف»، بفضل بلوغ الأهلي طرابلس لنصف نهائي
«الكونفيدرالية» والاتحاد لدور المجموعات في ذات البطولة، فبات ترتيب دورينا الـ9 قارياً، برصيد 33 نقطة.
وسيضمن تواجد الأخضر في المجموعات إضافة نقطة على أقل تقدير لهذا الرصيد، ما يضمن التقدم على حساب السودان الـ8، مع تواجد منافسة قوية من غينيا «العاشرة بـ31 نقطة»، والي يمثلها حوريا كوناكري في دوري الأبطال، وتنزانيا الـ11 بـ30.5 نقطة، ويمثلها سيمبا في دوري الأبطال ويانغ أفريكانز في الكونفيدرالية.
ولإن كان هذا التنافس «النقطي» لن يكون له تأثير في الموسم القادم «كون التصنيف يتغير كل 5 سنوات»، إلا أنه سيكون مفيداً جداً لممثلي دورينا في المواسم اللاحقة.
مآرب أخرى
أنقذ تأهل الأخضر سمعة الكرة الليبية ورسمت ابتسامة على محيا حزين، صانعة استثناء وسط إخفاقين حدثا في ذات يوم انتصار رفاق روما، وأبعدا الأهلي طرابلس والنصر عن الكونفيدرالية، لينضما إلى الاتحاد المقصى سلفاً من أول أدوار دوري الأبطال.
كما أعادت تلك «الريمونتادا الهيتشكوكية» ثقة محبي كرة القدم الليبية في فرقها ومنتخباتها، في تجاوز الخيبات والمضي قدماً نحو المنافسة الحقيقية على الألقاب.
وإلى جانب ذلك، وحدت مشاعر الفرح التي عمت ليبيا من شرقها إلى غربها الجمهور الكروي، الذي سارع إلى تقديم التهاني للأخضر وجمهوره، وأكدت مرة أخرى أن لكرة القدم قدرة على إصلاح ما أفسدته السياسة والحروب.
قرعة المجموعات مساء اليوم
ستقام قرعة دور المجموعات للكونفيدرالية مساء اليوم الأربعاء، ليتم تصنيف الفرق الـ16 في 4 مجموعات، باتباع قواعد معينة تضع 4 فرق كرؤوس مجموعات هي «مازيمبي الكونغولي، بيراميدز المصري، أسيك ميموزا الإيفواري واتحاد العاصمة الجزائري».
أما فريقا موتيما الكونغولي ويانغ أفريكانز التنزاني فضمنا موقعاً في المستوى الثاني، فيما ستوزع بقية الفرق وهي – إلى جانب الأخضر «ديابليس الكونغولي، سانت إيلوي لوبوبو من الكونغو الديموقراطية، فيوتشر المصري، ريال باماكو المالي، الجيش الملكي المغربي، ريفرز يونايتد النيجيري، مارومو غالانتس الجنوب إفريقي، أسكو كارا التوغولي والاتحاد المنستيري التونسي» على المستويات 2 و3 و4.
شرط الاستمرارية
ما حققه أبناء المدرب سمير شمام يعد إنجازاً يشار له بالبنان، لكنه لا يرتقي – لوحده – إلى مستوى طموحات الشارع الرياضي، الراغب في تتويج قاري.
وهذا يلزم الجهازين الفني والإداري للأخضر بضرورة تطوير المستوى الفني والبدني، وتدعيم التشكيلة الحالية،لاسيما في بعض الخطوط التي تعاني نقائص واضحة، وعدم التعويل فقط على الحماس الذي قد لا يعين أمام منافسين أقوى وأكثر خبرة.