في ظل عدم الاكتراث للواقع “المهترىء“
هل تصبح ملاعبنا أطلالاً ؟ ونستفيق على واقع أكثر سوءاً
علي العزابي : لابد أن تكون هناك إرادة وخطوة شجاعة باستتصدار قرار جرئ لبناء ملاعب جديدة حتى لا نجد أنفسنا من دون ملاعب معتمدة دولياً
إبراهيم الورفلي : ما لم تتخذ هذه الدولة من الرياضة مشروعاً وطنياً فلن نلتحق بركب من لحق بنا وها هو يسبقنا
رغم توارد أنباء من مصادر عدة باقتراب تجهيز ملعب طرابلس الدولي وتزامن ذلك مع صور تنبىء بإرهاصات صيانة تطال نظيره في بنغازي, إلا أن تشاؤمًا يسود الشارع “الكروي” بشأن مستقبل المنشآت الرياضية, ما بين قائل أن كل ما ذكر حبر على ورق, وآخر يحتج بأن بنيتنا التحتية المتهالكة تحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد “صيانة القديم المهترىء“.
ويستحضر هؤلاء الضجة التي أثارها التقرير السنوي لديوان المحاسبة, والذي لم يكد حبره يجف, حتى أسال أنهراً من المداد “المنتقد” لتلك الحالة من العبث بمقدرات الدولة, وتغول الفساد الضارب أطنابه في جل المؤسسات التنفيذية والتشريعية.
ولإن كان الأمر واضحاً بجلاء لكل متابع – منذ أن صدر التقرير إلى يومنا – إلا أن ذكر الأرقام ينقل الحال من “التشكك” إلى “الاتهام“, وتدفع الصدمة البعض إلى تبني “الكوميديا السوداء“, فيما يصر آخرون على “المسكوت عنه أدهى وأمر“
وكغيرها, كان للرياضة ممثلة في وزارتها نصيب من هذا التقرير, الذي كشف عن مخالفات “جسام” ارتكبت في جوانب عدة, تتعلق بتكليفات لقاء مكافآت مالية تخالف التشريعات النافذة, وقرارت تمثل تعارض مصالح ومحاباة للبعض.
كما أشار التقرير إلى أن ميزانية التنمية المخصصة للرياضة خلال 2021 والبالغة 110 مليون دينار قد شابها خلل في الصرف, حيث تم التوسع في إبرام عقود مشاريع جديدة بشكل كبير( بلغ عدد العقود المبرمة 122), دون إعطاء الأولوية لتنفيذ المشاريع المتوقفة منذ سنوات, لاسيما المهمة منها كصيانة ملعبي طرابلس وبنغازي.
استطلاع / مناف بن دلة
ولاحظ تقرير ديوان المحاسبة أيضاً التأخر في تنفيذ أغلب المشاريع, وعدم إدراج غرامات التأخير ضمن شروط العقد, في إهمال أو تعمد واضح, وكذلك قصور في تطبيق هذه الغرامات أو سحب العمل من الشركات المسؤولة عن الأعمال المتعثرة والمتوقفة, إضافة لعشوائية جلية في إجراءات التعاقد لتلك المشاريع, كـ“عدم النظر في إمكانية توحيدها لتحقيق الوفر بالنسبة للمشاريع ذات الطبيعة الواحدة“.
هذه النقطة بالذات – والمتعارضة مع ما يفاد من اقتراب تجهيز ملعب طرابلس – تجعلنا نتوجه إلى أهل الاختصاص, من الإعلاميين والنقاد الرياضيين, لسؤالهم هل ستتحول المنشآت الرياضية – لاسيما ملاعب كرة القدم الرئيسة– إلى أطلال في ظل هذا القصور وشبه الفساد ؟ وما الحلول المرئية – وفقاً لهم – للخروج من هذه الدوامة ؟ وهل سيأتي يوم تطل فيه علينا منشآت رياضية عملاقة حديثة تضاهي ما لدى دول الجوار على أقل تقدير : –
علي العزابي – إعلامي رياضي : –
ثمة مثل ليبي شهير يقول ” ما ينفع في البايد ترقيع”, وهذا ينطبق علي أي صناعة أو منتوج أو مبني مضي علي إنشائه وبنائه حينًا من الدهر, وهو ما ينطبق علي ملعب المدينة الرياضية في طرابلس الذي يعود بنائه إلى فترة الستينيات, وقد أجريت عليه الكثير من تجارب الصيانة الفاشلة والحلول الوقتية طيلة السنوات الماضية التي لم تجد نفعًا, وكان لزامًا علي الحكومات الليبية المتعاقبة بناء ملعب جديد وبمواصفات حديثة ومتطورة مثلما عليه ملاعب كثير من الدول .. لكن لاحياة لمن تنادي!
والآن الملعب داخل الصيانة ويحتاج لعدة أشهر حتى يجهز وكلما تأخرت عن نهاية مراحلها سيضاعف من حالة الفراغ التي تعيشها أنديتنا خاصة في مدينة طرابلس, التي تفتقر لوجود ملعب في مستوي وحجم ملعب طرابلس الدولي!
وحتى لا يستفحل الأمر ونجد أنفسنا من غير ملاعب صالحة للعب ولا تتوفر فيها المعايير الدولية التي يطلبها “الفيفا” ونكرر نفس أخطاء الماضي في إجراء الصيانة المستعجلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع , لابد أن تكون هناك إرادة وخطوة شجاعة باستتصدار قرار جرئ لبناء ملاعب جديدة أو حتى ملعبين في كل من طرابلس وبنغازي ومتابعة إجراءات تنفيذهما بدقة وعناية بدعوة إحدى الشركات المتخصصة في بناء الملاعب والمنشآت الرياضية والتي تملك الخبرة والدراية وتملك القدرة والكفاءة علي إنجاز العمل في أقصر مدة ممكنة, وأن يتم متابعة الشركة المنفذة ومحاسبتها إن أخلت بما التزمت به أو قصرت في عملها في الفترة المحددة والمطلوبة منها.
ومن المعيب ونحن في القرن الحادي والعشرين, لازلنا نتحدث ونطالب ببناء ملاعب حديثة لكرة القدم أو غيرها من الملاعب الأخرى, في الوقت الذي صارت فيه دول العالم تتسابق فيما بينهما لاحتضان المنافسات القارية والعالمية وتتباهي كل يوم, وأخرى بملاعبها ومنشآتها التي أصبحت مثلا يحتذي في روعة البناء والتشييد وبأحدث وأرقي المواصفات العالمية.
إبراهيم الورفلي – صحافي : –
في ظل استشراء حُمَّى الفساد في جُلِّ مفاصل الدولة – إن لم يكو كلها – وتفشِّي ظاهرة إهدار المال العام في أروقة مختلف الوزارات .. لم تشدُّ وزارة الرياضة ، عن قاعدة الفساد (المالي) هذه .. بل حرصت بما أوتيت من فساد ذمة وقصور في التسيير ، على أن تكون أحد أبرز أركانها – القاعدة – بما أهدرته من أموال عامة حيث أنفقت على سبيل الذكر – لا الحصر – ما فاق المليونين من الدنانير على شراء السيارات .. منها (لكزس بمبلغ قدره 688,130 د.ل) في الوقت الذي كانت فيه أغلب ملاعب كرة القدم – اللعبة الشعبية الأولى في بلادنا – مُجرَّدة أرضياتها حتى من بدائي أجيال العشب الاصطناعي .. ناهيك عن افتقارها للتجهيزات الإلكترونية ما اضطر (اتحاد عام اللعبة) للهجرة بمرحلة التتويج الحساسة ، إلى ملاعب دول
الجوار – وتونس تحديداً – في سابقة وصمت ليبيا وكرتها ، بالعار .. علماً بأن إجمالي ثمن أسطول السيارات الذي اشترته (وزارة الرياضة) يكفي لتجهيز جميع الملاعب الم
عتمدة ، بمعدات غُرف الـ(فار) !.
خمسة عشر مليوناً من إجمالي ميزانية الوزارة المعنية المُقدَّرة بخمسين مليون ، أُنفقت فيما لا طائل من
وراءه .. بينما بقيت بلادنا بلا ملاعب لائقة لاستقبال الفرق والمنتخبات الزائرة .. حيث تعثرت أشغال صيانة وتطوير ملعبي طرابلس وبنغازي (العتيقين) بالرغم من تصريح رئيس حكومة الوحدة الوطنية لدى زيارته ملعب طرابلس الدولي – رفقة وزيره للرياضة – في مُفتتح أغسطس العام الماضي 2021 :- بأن الملعب المذكور ، سيكون جاهزاً في غضون ثمانية أشهر .. أي بداية شهر مارس الفائت !.
أختم بالقول :- “ما لم نفلح في بناء دولة مؤسسات مؤهلة ، وقانون رادع يهابه أصحاب النفوس الضعيفة ويلجم أرباب الذمم غير النظيفة .. وما لم تتخذ هذه الدولة من الرياضة ، مشروعاً وطنياً تُشيِّدُ له حديث المُنشآت المتكاملة المرافق ، لن نلتحق بركب من لحق بنا وها هو يسبقنا .. وأعني الموزمبيق وغينيا الإستوائية ، لا المغرب والسعودية .. أما قطر فقد أضحت في عالمٍ بنيوي كروي ، ونحن في آخر !.
إبراهيم امحمد – إعلامي : –