المقفـلــة آنـفاً..سوق الانتقالات الصيفية..تعـــافٍ مالــــي ومـفاجــــآت لا حدود لـه
تزامنت غرة سبتمبر الجاري مع إقفال سوق الانتقالات الصيفية في الدوريات الأوروبية، وبنهاية ذاك اليوم، بات معلوماً «يقيناً» قوام تشكيلات الفرق في القارة العجوز، لاسيما الكبرى منها، وأجّل – إلى حين – حديث الإشاعات المرتبطة بانتقال لاعب ما إلى فريق بعينه.
وكعادتها، اتسمت هذه السوق بالمفاجآت، التي كانت سعيدة لبعض الجماهير وغير ذلك للأخرى، وقد بدا أن الأندية قد تجاوزت إثرجائحة كورونا، حيث ظهر ذلك جلياً من خلال القيم المالية لتنقل اللاعبين.
وفي الأسطر التالية نرصد أهم الصفقات التي عقدت، وتلك التي شابها الفشل في لمساتها الأخيرة، وما ترافق مع ذلك من ترقب واستقبال جماهيري وإعلامي.
سخاء الأندية الإنجليزية
استمرت الأندية الإنجليزية في الإنفاق «بسخاء» على انتقالات اللاعبين، فتجاوز قيمة ما دفعه العشرون المنافسون في «البريمرليغ» 2 مليار جنيه إسترليني، محطماً الرقم القياسي في الأموال المدفوعة للانتقالات، والذي كان يملكه ذات الدوري موسم 2017-2018 ، بنسبة 67%.
أنتوني في الصدارة
تبعاً لذلك، كان منطقياً أن تتواجد الصفقة «الأغلى» في بلاد الإنجليز، وحمل بطلها اسم «أنتوني»، حيث انتقل الجناح الدولي البرازيلي من أياكس الهولندي إلى مانشستر يونايتد، مقابل 104 مليون دولار.
وجاءت هذه الخطوة ضمن مساعي «الشياطين الحمر» للعودة إلى المنافسة مجدداً، وتماشياً مع ما صرّح به مدرب الفريق، إيريك تين هاغ من أن المنافسة على الألقاب «لا تجعلك تملك خياراً آخر».
نونتغهام فوريست يغيّر جلده
وفي إنجلترا أيضاً، غيّر نونتغهام فوريست العائد إلى الأضواء مجدداً، بعد غياب لعقدين من الزمن، جلده بالكامل، واستقدم 19 لاعباً، ليكون النادي الأكثر استجلاباً للاعبين.
وكان أكثر القادمين تكلفة لخزائن النادي، المهاجم الإنجليزي مورغان غيبز وايت، والذي استقدم من وولفر هامبتون، لقاء 29.5 مليون يورو.
لكن كل ذلك لم يؤت ثماره، وفقد الفوريست أربعاً من مبارياته الـ6 في الدوري، إحداها بنتيجة كبيرة أمام مانشستر سيتي (6-0)، ويحتل الفريق المركز قبل الأخير بـ4 نقاط.
رونالدو .. فشل أم تأجيل ؟
وغير بعيد، كان البرتغالي كريستيانو رونالدو صانعاً – كعادته للحدث- فربطته شائعات بأكثر من فريق، إلا أن كل ذلك لم يؤد إلى انتقال خامس لـ(الدون).
ومنذ الصيف، تحدثت مصادر عدة عن رغبة الهداف التاريخي لدوري أبطال أوروبا في الرحيل عن ملعب «أولد ترافورد» ومغادرة مانشستر يونايتد، لرغبته في مواصلة المشوار بأمجد البطولات الأوروبية، وعدم استساغته للتواجد في (اليوروبا ليغ).
ومن بايرن ميونخ إلى تشيلسي، مروراً ببرشلونة ونابولي ومانشستر سيتي، تعددت أسماء الفرق التي قيل إن رونالدو سيرحل إليها، وكان الفشل واحداً، لرفض تلك الأندية خدمات اللاعب، أو لارتفاع سعر راتبه.
ومع نهاية (الميركاتو) الصيفي، استمر رونالدو مع الشياطين الحمر، في انتظار ما سيحدث شتاءً.
شيطان سماوي
وفي مدينة مانشستر أيضاً، كان الجزء السماوي على موعد مع نجم جديد، حمل شعار «الستيزن» منذ بداية سوق الانتقالات، حاملاً معه آمالاً بتتويج قاري.
وعلى الرغم منافسة شديدة أبدتها أندية كبرى أخرى، إلا أن السيتي ظفر بخدمات المهاجم الصاعد بسرعة الصاروخ إيرلينغ هالاند، بفضل تدخل والده الذي كان لاعباً سابقاً في الفريق.
وكما كان متوقعاً، انفجر النرويجي فارع الطول أهدافاً في «البريمرليغ»، فأحرز 10 أهداف في أول 6 مباريات، محطماً بذلك رقماً قياسياً لـ»ميك كوين» مهاجم كوفنتري سيتي، استمر لـ20 عاماً.
ولإن كان «الشياطين» لفظاً مرتبطاً بمانشستر يونايتد، فإن الجار السماوي تمكن من التعاقد مع شيطان متخصص في إرعاب المنافسين.
المال يفوز على التاريخ
سجلت بداية الانتقالات الصيفية -المنصرمة آنفاً- باسم الفرنسي كيليان مبابي، ولأسابيع عدة ما انفك الجميع يقرؤون أخباراً متضاربة عن «توقيع مهاجم الديوك لريال مدريد أو البقاء مع باريس سان جيرمان».
إلا أن الأمر لم يطل كثيراً، وبعد أن جهزت مدريد نفسها لاستقبال مبابي، تقرر خلاف ذلك، وظل الفتى ذو 23 ربيعاً، في باريس مع أزرقها، ففازت الأموال على التاريخ، وتعهد رئيس «الميرينغي» فلورنتينو بيريز، ألا تطأ قدما اللاعب «البرنابيو».
وقد قدرت قيمة عقد مبابي الجديد، والمقدر بـ3 سنوات، بـ50 مليون دولار سنوياً، مع مكافأة تجديد قيمتها 100 مليون دولار، والاحتفاظ بعوائد التصوير كاملة.
ريال مدريد «لا يتوب»
لم يعنِ الفشل في استقدام مبابي انطواء ريال مدريد عن التعاقدات، ورغم أن الفريق لم يدخل بقوة في «الميركاتو»، إلا أنه أقدم على دفع 88 مليون دولار، نظير الاستفادة من خدمات متوسط ميدان فرنسي شاب يدعى تشاوميني.
ورغم المقابل الباهظ، يصر محبو «البلانكوس» أن الصفقة ناجحة، فاللاعب الميمم شطر العاصمة الإسبانية من موناكو، لا يتجاوز في عمره الـ20 عاماً، كما أن قدراته الكبيرة في قطع الهجمات ستفيد ريال مدريد كثيرًا، وقد دفعت هذا الأخير للتخلي عن البرازيلي كاسيميرو.
عبقرية أم كارثة
«من حال إلى حال» .. هكذا كان برشلونة، غريم ريال مدريد الأزلي، بين مرحلتي تعاقد، فبعد أن هدده الإفلاس واضطره إلى القبول بصغير الصفقات، عاد مجدداً بقوة في «الميركاتو الصيفي» السابق، بفضل سياسة اعتمدت على قرض من بنك «غولدمان ساكس» الأمريكي وتفعيل الرافعات الاقتصادية.
وبذلك نجح النادي الكتالوني في التعاقد مع البولندي روبرت ليفاندوفسكي، الحائز على جائزة (الفيفا) كأفضل لاعب في العالم لعامين متتالين، مقابل 50 مليون يورو، وأقنع البرازيلي رافينيا بالقدوم إلى (كامب نو) نظير 70 مليون يورو، إضافة لصفقات أخرى استمرت إلى اللحظات الأخيرة من «الميركاتو».
وبلا مراء، فقد أنعشت الوجوه الجديدة المشهد الكروي لـ»البلوغرانا» وأعادته منافساً بقوة على الواجهة المحلية.
وإجمالاً فإن سياسة برشلونة التعاقدية اتسمت بالمجازفة المحسوبة، وسيخبرنا قادم الأيام إن كانت خطوات الرئيس خوان لابورتا عبقرية أم كارثية.
برشلونة يتفوق على تشيلسي
ولبرشلونة هذا «الميركاتو» قصة طريفة مع تشيلسي الإنجليزي، لأن الأخير تحصل على درجة «فشل» بامتياز في كل مرة يخوض صراعاً مع النادي الكتالوني، من أجل ضم لاعب.
وكانت البداية بالبرازيلي رافينيا، جناح ليدز يونايتد السابق، حيث حاول (البلوز) استغلال مشاكل برشلونة المالية وخطف اللاعب، إلا أن النادي الإسباني كسب في النهاية.
ثم تكرر الأمر مع البولندي روبرت ليفاندوفسكي، الذي فضل برشلونة على النادي اللندني، وحدث شيء مشابه للمدافع الفرنسي جول كوندي.
وحتى عندما أراد تشيلسي الرد بمنع الإسباني ماركوس ألونسو من ارتداء شعار (البلوغرانا)، اضطر في النهاية للانصياع، وقبل بالصفقة مقابل قدوم المهاجم الإسباني بيير-إيمريك أوباميانغ إلى ملعب «ستامفورد بريدج».
ضربة معلم «معكوسة»
أقدم ليفربول الإنجليزي على حسم صفقة المهاجم الأورغواياني داروين نونيز، ودفع من أجل ذلك 82.5 مليون دولار، لتسجل الصفقة كـ»رابع» أغلى تعاقد هذا الصيف.
ويومها قيل أن الأمر «ضربة معلم» من المدرب الألماني يورغن كلوب، لاسيما وأن هذا الأخير معروف بقدرته على توظيف اللاعبين بشكل جيد.
إلا أن الواقع – إلى حد الآن – قد كذّب ذلك – فالمهاجم السابق لألميريا الإسباني وبنفيكا البرتغالي، أحرز هدفاً وحيداً في الدوري الإنجليزي الممتاز، وخرج ذات تهور – أمام كريستال بالاس- بالبطاقة الحمراء.
الأسد المنتفض والتخلي عن التقاليد
لا يبدو أن (الريدز) نجح في سد الثغرة التي تركها رحيل السنغالي ساديو ماني، وقد أبان التدهور الحالي للفريق الإنجليزي أن أسد التيرانغا كان مظلوماً.
فماني الذي تعامل معه الإعلام في الصف الثاني خلف محمد صلاح، كان يؤدي واجبات كبيرة على مستوى صناعة اللعب وخلخلة دفاع المنافسين، إضافة لمهامٍ دفاعية، وهكذا صنع المهاجم السنغالي جزءاً كبيراً من إنجازات ليفربول، دون أن يحصد «ثناءً مقابلاً».
وحتى على المستوى المالي، عانى ساديو ماني من الظلم، واكتفت إدارة ليفربول بمرتب يبلغ نصف ما يتقاضاه صلاح، فكان طبيعياً أن ينتقل أفضل لاعب في إفريقيا للعام الحالي إلى بايرن ميونخ الألماني، مقابل 41 مليون يورو، ومرتبٍ مجزٍ.
وإذا ما ذكر العملاق البافاري، لابد من الإشارة إلى تخلي هذا النادي عن حذره المالي في صفقة ضم المدافع الهولندي ماتياس دي ليخت، نظير 73.3 مليون دولار، وربما كان الإخفاق في دوري الأبطال الموسم الماضي دافعه في ذلك.
الإمبراطور الجديد
استحالت الدموع فرحاً لدى الأرجنتيني باولو ديبالا، ومن منا لم يتذكر ذلك المشهد «التراجيدي» لوداع ديبالا على أرض ملعب «أليانز» الخاص بيوفنتوس نهاية الموسم الماضي، والذي كتب نهاية سبع سنوات قضاها اللاعب مع «البيانكونيري».
قيل لاحقاً أن إنتر أكمل كل شيء بخصوص التعاقد مع ديبالا، إلا أن الحقيقة جاءت من العاصمة، وأصبح الأرجنتيني جزءاً من خطط البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب الذئاب.
وفي نهاية يوليو، دخل ديبالا مدينة روما مقتفياً أثر الأباطرة المتوجين، وحظي باستقبال أسطوري، حيث غصت ميادين مدينة التلال السبع بالجماهير المستقبلة، في مشهد فريد، اضطرنا لإقحام ديبالا في الحديث عن «الميركاتو»، رغم أنه بات «رومانياً»، بموجب صفقة انتقال حر.
إجازة في كومو
أعلن في مطلع أغسطس الماضي عن انتقال الدولي الإسباني السابق سيسك فابريغاس إلى فريق كومو، الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية الإيطالي.
وقد أثار هذا الخبر استغراب الكثيرين، لاسيما أولئك الذين كانوا معجبين باللاعب، أبان تألقه مع أرسنال وبرشلونة وتشيلسي.
وتساءل هؤلاء : ما الذي يدفع فابريغاس الذي فاز بكل شيء تقريباً، بما في ذلك كأس العالم مع منتخب (لاروخا) سنة 2010 في جنوب إفريقيا، للإقدام على هذه الخطوة واللعب في «السيريا ب».
وظن هؤلاء أن حديث اللاعب عن «أسوأ موسم في حياته قبل أشهر مع موناكو الفرنسي» يعني ضمنياً إعلانه الاعتزال، إلا أن سيسك البالغ من العمر 35 عاماً قرر الاستمرار، مفضلاً خيار كومو «اللومباردي».